وثيقة مرجعية لـ مسودة مانيفستو 2019.4.15

“من المرأة الى المرأة تاء مربوطة” 

نحن مجموعة من الناشطات والناشطين والعاملين والعاملات في الحقل المرئي والمسموع والأكاديميات والأكاديميين، من العالم العربي، تحت مُسمى “تاء مربوطة“، نهدف إلى الحد من تنميط صورة المرأة في الأعمال الدرامية التلفزيونية والسينمائية والتسجيلية العربية 

نبحث في” تاء مربوطة “ في محورين يتمثلان في صورة المرأة أمام الكاميرا والمحتوى الدرامي المتعلق بشؤون المساواة الجندرية، وظروف عمل المرأة المهنية خلف الكاميرا، خلال السنوات الخمس الماضية

نحن نسعى إلى دفع التوجهات المهنية والابداعية في العمل الدرامي والسينمائي على مستوى منطقتنا العربية، لتحقيق توازن النوع الاجتماعي “الجندري” والوصول إلى محتوى فني يتوخى الحساسية لتحقيق هذا التوازن المنشود ويواجه تنميط صورة المرأة على الشاشات العربية

وسعياً منا لإيجاد أُطر عمل منهجية، نستند في جهودنا على خبراتنا المهنية التراكمية، معززة ببرنامج مكثف لورش العمل المتخصصة والاجتماعات المغلقة والمؤتمرات التي عقدت في عمّان وبيروت خلال الفترة من أيلول 2018 حتى حزيران 2019 والتي شارك بها أكثر من 50 محترفة ومحترف، كما قمنا بطرح استبيان وجه لمجتمع الانتاج الدرامي والسينمائي شمل 60 مشاركةً تمت دراستها وتحليلها نوعياً 

وبناءً على ما سبق، توصلنا إلى المعطيات التالية التي تؤثر مباشرة على تنميط صورة المرأة

  1. شركات الانتاج الضخمة العربية والتي تصل أعمالها للمشاهدين في مجمل المنطقة العربية بالغالب (نتوخى عدم التعميم وإصدار الأحكام المطلقة) لا تراعي إبراز دور المرأة الايجابي، بل تركز على الإثارة والتشويق وتسليع دور المرأة للوصول إلى انتشار أسرع وأكبر، وتعكس في الكثير من أعمالها أجندات سياسية، اجتماعية واقتصادية مناسبة لأهدافها.
    ومن الجدير ذكره بأننا لاحظنا غياب مقاومة الصورة النمطية لدى الشخصيات التي يقع عليها التنميط داخل المشهد الدرامي وعدم وجود شخصيات مساندة ترفض هذا التنميط او تجابهه بل على العكس من الممكن أن نجد شخصيات تؤيد التمنيط الممارس تجاه المرأة 
  2. أننا ندرك بأن واقع المرأة في مجتمعاتنا لا يزال يعاني من الكثير من التحديات التي يجب على الأعمال الدرامية نقلها كما هي لكن في ذات الوقت يجب البحث في كيفية معالجة هذه التحديات التي تواجهها شخصيات المرأة في الدراما بطريقة غير نمطية
  3.      بشكل عام تعاني المرأة من هذا التنميط، فتقبل الممثلة بالمساومة وبتحجيم دورها كي تصل إلى الانتشار الأسرع، وكي تناسب شروط السوق والعمل، وينعكس ذلك على تشويه صورة المرأة أمام الكاميرا وتتفق العينة التي تم استبيانها بمعدل يتجاوز ٧٠٪ حول هذا الطرح
  4. وجدنا أن هناك فجوة ما بين التقدم الحقيقي للمرأة في مجتمعها العربي في مجالات مهنية واجتماعية مختلفة، وما بين الصورة الرجعية والسطحية والاقصائية التي تُقدم على الشاشات، فالمرأة غالباً ما تُعرّف بصفتها الرعائية او العاطفي
  5. لاحظنا ندرة وجود مظاهر حياة مدنية تقدمية في المعالجة الدرامية والتي باستطاعتها أن تقلص من العنصرية والقبلية والطائفية وهنا لا نقصد بالتقدمية ظهور المرأة بنمط يحاكي القوالب الاستهلاكية لمجتمعاتنا بل نقصد معالجة المواضيع المعاصرة التي تخدم المجتمع وتحمل أفكاراً طليعية وكشافة
  6.      هناك وجود انحسار كبير للمشاهد التي تتفرد بها المرأة، أو تلعب بها المرأة الدور الأساسي في كيفية سير الأحداث وكأنها دائما مستسلمة للقدر، أو أنها لا تقوم بالأفعال بل تقوم بردود الأفعال  
  7. لاحظنا ان المرأة في كثير من الأحيان يقتصر دورها على الدور الرعائي المغلوب على أمرها أو الدور القيادي الشرير، ما عدا بعض الأدوار المهمة التي تكرس الأدوار المهنية والقيادية للمرأة في المجتمع ولكن هذه الادوار ليست الادوار السائدة على الشاشات العربية. كما أنه في كثير من الأحيان تظهر في الأدوار المُتدينة، على أنها قديسة وعدا ذلك، فهي منبوذة منحلة اجتماعي  
  8. تعاني معظم النصوص الدرامية من الإقصاء للمرأة عند وصولها إلى مراحل متقدمة في السن بحجة الضرورات الدرامية والانتاجية التي تدعي أن الأدوار النسائية الفاعلة هي من العمر الشاب، وبذلك تصبح معظم الأدوار الرئيسية تتمحور حول معايير جمال الممثلة، دافعةً قطاعاً لافتاً من الفنانات للجوء إلى عمليات التجميل الجراحية، عوضاً عن التركيز على القيم والعمل المحترف الابداعي والجمال   
  9. وجدنا أن المُهيمنين على عمليات الإخراج والكتابة والانتاج هم من الرجال الذين يسقطون رؤيتهم على المحتوى، ليكون في الغالب ذكورياً واقصائياً ورجعياً (٦٧٪ من العينة المستبينة تتفق بشدة مع واقعية هذا الطرح)، فيما يخص دور المرأة وقضاياها ومحاور النصوص المكتوبة وطريقة معالجتها الإخراجية والفنية والفكرية والابداعية 
  10. كما وجدنا أن هناك عنف مكرس وممنهج ضد المرأة على الشاشات، و ان كان يعكس الواقع ولكنه لا يهدف إلى حل هذه الظاهرة درامياً، وبالتالي لا يوجه رسالة اجتماعية توعوية تكرم المرأة وتحترمها وتضعها في السياق الحقيقي للمشكلة

خلف الكاميرا

  1. لاحظنا من مشاهدة الأفلام والمسلسلات عدم توازن بين مهن النساء والرجال خلف الكاميرا، مما يعكس واقع قلة تواجد المرأة في هذه المهن في المجتمع، وتؤكد ٦٥٪ من ردود العينة المستبينة وبشدة على تفشي الصورة النمطية السلبية حول قُدرات المرأة على القيام بأدوار ومهن ضمن قطاع الانتاج. في الوقت عينه لا بد من الإشادة من التقدم الملحوظ الذي تحققه المرأة مع زميلها الرجل في الخوض بأدوار مهمة خلف الكاميرا تحديداً في مجال كتابة السيناريو 
  2. لاحظنا أن المهن الرئيسية مثل الإخراج وإدارة التصوير والمونتاج الابداعي، تقصي المرأة أحيانا حتى لو كانت لديها الكفاءة اللازمة. كما لاحظنا العدد القليل للمخرجات والكاتبات اللواتي يُمكنهن التأثير الإيجابي على صورة المرأة والحد من تنميطها في حال تواجدهن في فريق العمل الفني 
  3.  من أبحاثنا والمقابلات الفردية والجماعية مع المحترفات والمحترفين في السمعي والبصري، تبين لدينا ان هناك عدم مساواة بالرواتب والمكافآت بين النساء والرجال من نفس المهنة ) أكثر من ٥٠٪ من العينة المستبينة تتفق بشدة مع هذا الطرح)، ويحظى الرجال بالمكافأة الأكبر في معظم الأحيان
  4. وجدنا أن شركات الانتاج في معظمها لا تمتلك قوانين داخلية تراعي النوع الاجتماعي والتوازن المهني بين النساء والرجال. وترى أكثر من ٥٠٪ من العينة المستبينة تعمداً لدى شركات الانتاج في العالم العربي على استقطاب المواهب وفقاً لتوجهات منحازة لا تعير أي اعتبار لمبادئ العدالة الجندرية
  5. لاحظنا قلة في صناديق التمويل العربية التي تعمل على دعم مشاريع المرأة العربية العاملة في قطاع السمعي بصري أو دعم الموضوعات التي تخصها، وتتفق أكثر من ٥٠٪ من العينة المستبينة مع هذا الطرح. (على الرغم من توجه صناديق التمويل الأجنبية لدعم مشاريع المرأة العربية)

التوصيات

  1. لاحظنا أنه لا يوجد شبكة تضامنية او مجموعة مناصرة ضاغطة حول موضوع النوع الاجتماعي في المهن المتنوعة في هذا القطاع، وعليه، لا بد أن تكون توصيتنا الأولى هي عن ضرورة تكوين تلك المجموعة او الشبكة التي سوف تعتبر فرصة ومنبر أساسي لمساندة العاملات في مجال السمعي والبصري ويمكن أن يكون لها الدور الكبير في التأثير الإيجابي والتوعوي على عدة مستويات من ضمنها: النقد، الرقابة، الانتاج الواعي، كتابة النصوص الجادة، الوصول إلى المهن الأساسية في سلم الانتاج والإخراج، الحد من التنميط بكافة أشكاله، الحد من نشر صورة سلبية للمرأة، الارتقاء بذائقة المشاهدات والمشاهدين وتوعيتهم عن النوع الاجتماعي وضرورة توازنه والمدافعة عن كل ما سبق من نقاط ودعائم في هذه الوثيقة ٩٠٪ من العينة المستبينة تتفق بشدة على ضرورة تشكيل هذه الهيئات. 
  2. نؤكد على عدم وجوب اقحام المرأة في النصوص والأفلام في الحالات التي ليس لها ضرورة درامية حقيقية أو دور فعال من نسيج العمل الدرامي و بهدف الادعاء أنها متواجدة فقط و بهدف التوازن لنوع الاجتماعي الصوري والمصطنع
  3. يجب أن يزداد عدد الدراسات والمسوحات والإحصائيات حول موضوع صورة المرأة على الشاشات وخلف الكاميرات، لأننا وجدنا شحا فيها، ماعدا بعض الدراسات المنفردة المخصصة جزئياً للمرأة في الإعلام وليس للمرأة في المرئي والمسموع أي قطاع الدراما التلفزيونية والأفلام  
  4. يجب أن يكون هنالك جهات محترفة تعنى المضمون القيمي للمحتوى لأن هنالك غياب كامل لهذه الجهات وهنا لا نقصد أجهزة الرقابة التقليدية المعنية بالمحتوى السياسي والديني، وهناك تراجع للعمل النقدي الإعلامي والاجتماعي المعني بالحد من إشكالية التنميط وتفادي اعتبارها أمراً عادياً وطبيعياً من قبل المشاهدين والمشاهدات وكذلك من قبل الجهات العاملة في صناعة المحتوى والصورة. وتتفق العينة المستبينة بشكل لافت، ٩٠٪ على ضرورة تشكل هيئات تتولى هذا الدور، وتشمل أطر عمل ناظم
  5. وختاما، عند تواجد أدوار منمطة ولكنها ضرورية في حبكة القصة يجب ايجاد مبررات درامية ومعالجات فنية راقية وذكية لتعزيز رسالتها التوعوية والحث على التغيير البناء في المنجز النهائي للأفلام والمسلسلات